Monday, July 12, 2010

:قراءة فنية في أوراق المونديال

إنتهى مونديال 2010 بتتويج الماتادور الأسباني بطلا جديدا للكرة العالمية بجدارة، وهو ما ستكشفه الأرقام خلال هذا التقرير الذي سيلقي الضوء على أهم ظواهر مونديال 2010 الذي يمكن القول أنه جاء أقل من المتوسط خلال دوره الأول وحافل بالإثارة والندية في أدواره النهائية !

ألمانيا الأفضل هجوما..ولكن !

تميز المنتخب الألماني بأسلوبه الهجومي الواضح منذ إنطلاق المونديال في ظل غلبة الأسلوب الدفاعي والتجاري على أداء العديد من المنتخبات مما مكنهم من تسجيل 16 هدف جاءت 9 منهم بصناعة كل من شفاينشتايجر وموللر وأوزيل بواقع ثلاث لكل منهم إلا أن المنتخب الأسباني جاء كأفضل المنتخبات تصويبا على المرمى ب121 تصويبة جاءت 46 منهم بين المرمى ، وهو ما يعكس تفوقه أيضا كأفضل المنتخبات التي تمكنت من تنويع الهجمات على المرمى ب107محاولة هجومية على مرمى المنافسين جاءت بشكل ترجم تفوق جميع الخطوط بالماتادور حيث شنت الجبهة اليمنى 38 هجمها ومثلها من العمق مقابل 31 لليسرى بينما ُيلاحظ الإعتماد الواضح في هجوم الألمان على جبهة لام اليمنى التي شنت 38 هجمة مقابل 29 لليسرى و24 محاولة من العمق !
وبالرغم من تسجيل المنتخب الهولندي ل12 هدفا خلال مشواره إلا أن فاعليته الهجومية جاءت في المركز الخامس بالمونديال ب69 محاولة هجومية فقط !

سويسرا تواصل تفوقها الدفاعي نظريا !

حافظ المنتخب السويسري على لقب الأقوى دفاعيا بالمونديال للنسخة الثانية على التوالي بعدما إستقبلت شباكه هدفا وحيدا إلا أن خروجه من الدور الأول جاء لضعف قدراته الهجومية الواضحة بعد إكتفائه بتسجيل هدفا يتيما جاء بشباك المنتخب الأسباني !
وكان المنتخب السويسري قد ودع مونديال 2006 من دور ال16 بعدما ظلت شباكه نظيفة طوال مبارياته الأربع !
ويمكن إعتبار المنتخب الأسباني صاحب الدفاع الأقوى فعليا بعدما تلقت شباكه هدفين فقط طوال مبارياته السبع علاوة على نجاحه في الحفاظ على نظافة شباكه طوال المباريات النهائية بدءا من دور ال16 في إنجاز لم يحققه أي منتخب من قبل في تاريخ المونديال !
وتشير الناحية الرقمية إلى تفوق دفاع الأوروجواي في إفساد هجمات منافسيه برصيد 22 هجمة و17 محاولة ناجحة في إستخلاص كرات مؤثرة فيما جاءت المفاجأة بتواجد المنتخب الجزائري في المركز الرابع رغم خروجه من الدور الأول وذلك للنجاح الواضح لثلاثي الدفاع بوقرة وحليش وعنتر يحيي خلال لقاء إنجلترا الذي فرضت فيه الجزائر التعادل السلبي بعد أداء دفاعي مميز كان الأفضل على مدار المونديال من الناحية الرقمية !

موللر أبرز المهاجمين..والتميز لراموس وتشابي !

لم يكن إحراز المهاجم الألماني الشاب توماس موللر للقب الهداف بمحض الصدفة بعدما كان الأكثر دقة في التصويب على المرمى بين جميع مهاجمي المونديال برصيد 5 أهداف من 5 تصويبات بين المرمى علاوة على صناعته لثلاث أهداف منحته أفضلية الحصول على الجائزة رغم تساوي عدد أهدافه مع الأسباني بيا والأوروجوياني فورلان والهولندي شنايدر !
وجاء تتويج فورلان بلقب أفضل لاعبي المونديال منطقيا إلى حد كبير بعدما أطلق 32 تسديدة على مرمى المنافسين من بينهم 15 تصويبة بين المرمى مسجلا خمس أهداف علاوة على صناعته لهدف بمباراة كوريا الجنوبية في دور ال16 ليتفوق رقميا على شنايدر وبيا في ظل إكتفاء الفيفا بمنح الألماني موللر جائزة أفضل لاعب ناشيء بالمونديال !
ويستحق الغاني جيان أسامواه لقب المهاجم الأسوأ حظا بالمونديال بعدما تصدى القائم والعارضة لثلاث تسديدات منه كانت كفيلة بتتويجه بلقب الهداف!
وجاء الظهير الاسباني سيرجيو راموس كأبرز اللاعبين الذي قاموا بالواجب الهجومي في المونديال برصيد 31 إنطلاقة متفوقا على جميع لاعبي الوسط ومهاجمي المونديال بينما جاء مواطنه تشابي هيرنانديز كأكثر اللاعبين المؤثرين داخل منطقة جزاء المنافس ب15 تمريرة متفوقا على ظهير البرازيل الأيمن مايكون الذي أهدى 10 كرات مؤثرة لزملائه داخل المنطقة بالتساوي مع لاعب الوسط الغاني كوادو أسامواه !
وكان تشابي هو مايسترو الأداء الأسباني الأوحد بعدما كان الأكثر بذلا للمجهود بقطعه مسافة 80.20 كلم علاوة على كونه الأفضل تمريرا للكرة طوال المونديال برصيد 669 تمريرة بنسبة دقة بلغت 81% ، ولعل وجود 6 لاعبين أسبان ضمن قائمة العشر الأوائل في التمرير يكشف سر قوة الماتادور !

شفاينشتايجر..ماكينة الألمان السريعة !

أبهر الألماني باستيان شفاينشتايجر الجميع بمستواه الرائع بالمونديال الحالي بالرغم من لعبه بوسط الملعب لتعويض غياب القائد بالاك، فكان اللاعب عند حسن الظن بعدما بذل ثاني أكبر مجهود بين جميع لاعبي المونديال بقطعه مسافة 79.8 كلم علما بأنه كان أكثر اللاعبين تمريرا للكرة في صفوف الماكينات الألمانية برصيد 570 تمريرة بنسبة دقة بلغت 81% !
وتجلت قوة الوسط الألماني في المونديال بحلول سامي خضيرة في المركز الرابع بقطعه مسافة 78.57 كلم !
وكان اللافت للنظر هو حلول ظهير الأوروجواي الأيمن ماكسيمليانو باريرا في المركز الثالث بعدما قطع 78.60 كلم !
وعلى صعيد المنتخبات، جاء المنتخب الأسباني الأفضل في الإستفادة بمجهوده في حال الإستحواذ على الكرة بعدما قطع لاعبوه مجموع 342.80 كلم فيما جاء الألمان في المركز الثاني بمجموع 313.45 كلم تلاهم المنتخب الهولندي بمجموع 288.04 كلم !

الأسبان ملوك اللعب النظيف !

ضمن الماتادور الأسباني جائزة اللعب النظيف بعدما أنهى لاعبوه الدور الأول دون الحصول على أي إنذارات لينال بعدها ثلاث إنذارات فقط خلال الأدوار النهائية حتى كان موعد مباراته الختامية أمام هولندا التي حصل فيها على خمس إنذارات دفعة واحدة إلا أنه ظل الأقل حصولا على الإنذارات بين المنتخبات المتأهلة إلى المرحلة النهائية من المونديال.
وكان المنتخب الكوري الشمالي هو الأقل من حيث الحصول على البطاقات الصفراء برصيد إنذارين فقط ، فلم تشهد مباراته الأخيرة أمام كوت دي فوار أي بطاقات للاعبي المنتخبين !
وشارك المنتخب الأسباني في حادث فريد من نوعه إذ لم تشهد مباراته أمام ألمانيا في الدور نصف النهائي أي بطاقات للمنتخبين رغم حساسية وقوة اللقاء !
و جاء المنتخب الهولندي هو الأكثر حصولا على الإنذارات برصيد 22 بطاقة صفراء ليحطم الرقم القياسي العالمي المسجل بإسم المنتخب الارجنتيني في مونديال 1990 حين نال لاعبوه 21 بطاقة !
وجاء المنتخب الأسترالي والجزائري الأكثر حصولا على البطاقة الحمراء برصيد إثنين لكل منهما !

مهاجم وحيد يكفي !

شهد مونديال 2010 إستمرار لظاهرة تفضيل أغلب المديرين الفنيين للعب برأس حربة وحيد كما كان الحال عليه في 2006، فإعتمدت الغالبية العظمى من المنتخبات على طريقة 4-4-2 ومشتقاتها التي كان أبرزها 4-2-3-1 التي طبقها بنجاح المنتخب الهولندي مع مديره الفني فان ميرفيك إعتمادا على وجود جناحين على أعلى مستوى مثل روبين وكاوت وصانع ألعاب مهاري مثل ويسلي شنايدر، وهو ما طبقه المنتخب الألماني أيضا في ظل القدرات العالية لأوزيل وموللر وبودولسكي ومن أمامهم القناص ميروسلاف كلوزا فيما بدأ المنتخب الأسباني المونديال بطريقة 4-1-2-1-2(بإستثناء مباراته الإفتتاحية أمام سويسرا) إلا أن مديره الفني دل بوسكي إضطر للتعديل بدءا من لقاء النصف النهائي أمام المانيا إلى أسلوب اللعب بجناحين بعد التراجع اللافت لمسوى مهاجمه توريس !
وشكل أسلوب لعب المنتخب الجزائري الإختلاف الأبرز بين جميع المنتخبات بعدما قرر مديره الفني رابح سعدان العودة للعب بطريقة 3-5-2 في مباراتي إنجلترا والولايات المتحدة بحثا عن المزيد من التأمين الدفاعي، وهو ما أسفر عن تعادل سلبي أمام إنجلترا وخسارة بهدف في الثواني الأخيرة أمام أمريكا !

نهاية عصر النجم الأوحد !

ترجم المونديال الحالي حال كرة القدم في الألفية الجديدة بعدما بات اللعب الجماعي هو المفتاح الأول للإنتصارات، فمن كان يتخيل أن يحرز منتخب اليونان لقب يورو 2004؟!
ولعل غياب نجوم لامعة مثل ميسي وروني وكاكا عن التسجيل خير دليل على ذلك، فباتت الأساليب الدفاعية المحكمة التي تتبعها أغلب المنتخبات وحالة الإرهاق التي تنتابهم سببا مباشرا في عدم تقديمهم للمستوى المبهر الذين يقدمونه مع أنديتهم طوال الموسم !
وفي مسألة الإرهاق تحديدا، بات على الفيفا مراجعة حساباته مقبلا في إختيار مواعيد المونديال الذي يأتي بعد موسم شاق للاعبين في الدوريات الأوروبية التي تمثل المورد الأكبر للاعبي المونديال !
وإذا نظرنا إلى مستوى النجوم في ذلك المونديال، نجد أن ميسي إجتهد كثيرا مع الأرجنتين إلا أن سوء التوفيق وصرامة الرقابة الدفاعية كانت لها الكلمة العليا فيما قدم كاكا ثلاث تمريرات حاسمة لزملائه بينما خيب روني آمال الإنجليز بأداء باهت بعدما تحول إلى محطة لإنهاء الهجمات الإنجليزية في كثير من الأوقات، ولم يكن البرتغالي رونالدو بأفضل حالا بعد ظهوره بأداء غلب عليه الشكل الفردي، فإكتفى بإحراز هدف يتيم بمرمى كوريا الشمالية بعد إصطدام الكرة برأسه !

الجابولاني..وكثرة الشكاوي !

كعادة كل بطولات كأس العالم في العقدين الأخيرين، تظهر شكاوي من الكرة المستخدمة، فتارة ُتتهم بالوزن الخفيف وتارة ُتتهم بصعوبة التحكم تحت الأمطار وغيرها من الإتهامات المختلفة إلا أن الجابولاني نالت القسط الأكبر من الإنتقادات سواء من اللاعبين أو حراس المرمى على وجه الأخص الذين دفع بعضهم الثمن غاليا بدخول أهداف سهلة في شباكه نتيجة صعوبة التحكم في مسار الكرة.
ولعل المشهد اللافت بالمونديال هو تكرارفقدان العديد من اللاعبين لإستحواذهم على الكرة بشكل غريب حتى في حال عدم وجود ضغط من المنافس مما يجعلنا في إنتظار التقرير الفني للفيفا عقب نهاية المونديال عن هذه الجابولاني !

التجنيس بين الإنتماء والمصالح !

لفتت ظاهرة اللاعبين المجنسين في المونديال أنظار الكثير بين وجهتي نظر أحدهما خاصة بضرورة دمج العناصر المهاجرة في منتخب الدولة الأم فيما كانت الوجهة الثانية الخاصة باليمين المتطرف الذي يرى ضرورة المحافظة على هوية المنتخب مهما كان مستوى العناصر المجنسة !
وأعاد المنتخب الألماني إلى الأذهان ذكرى منتخب فرنسا 98 لما ضمه من العديد من الجنسيات المختلفة تمثلت في 9 لاعبين من أصول غير ألمانية !
وجاء المشهد الأطرف بالمونديال حين تواجه الألماني جيروم بواتينج أمام شقيقه كيفين برينس بواتيج الذي يلعب للمنتخب الغاني بعد وقوع كلا من ألمانيا وغانا بمجموعة واحدة في حدث فريد من نوعه !
ودفع لاعب الإنتر الإيطالي ماركو بالوتيلي ثمن التشتت في إختيار الجنسية التي يلعب لها بعدما راوغ مسئولي المنتخب الغاني في الدفاع عن ألوانهم أملا في تمثيل إيطاليا ليفقد فرصة اللعب بالمونديال في نهاية الأمر !

التحكيم..وعلامة الإستفهام !

شكل مستوى التحكيم علامة إستفهام كبرى في مونديال 2010 بعد ظهور العديد من الأخطاء التحكيمية المؤثرة في المباريات مما أدى إلى ترحيل بعضهم مثل الأوروجوياني خورخي لاريوندا الذي لم يحتسب هدفا واضحا للإنجليزي لامبارد أمام ألمانيا رغم تجاوز الكرة لخط المرمى بمترين، وكذلك الإيطالي روبيرتو روزيتي الذي إحتسب هدفا للأرجنتيني تيفيز بمرمى المكسيك رغم وجوده في حالة تسلل واضح شاهدها الحكم بنفسه على شاشة العرض العملاقة بالإستاد قبل أن يقرر الفيفا منع مثل هذه الشاشات حتى نهاية البطولة ليبقى التساؤل مفتوحا حول مدى إمكانية الإستعانة بالتكنولوجيا الحديثة مستقبلا لتفادي مثل هذه الأخطاء !
وظهر بعض الحكام بشكل مهزوز خلال الأدوار النهائية الحاسمة إما لضعف الشخصية مثل الياباني نيشيمورا خلال لقاء هولندا والبرازيل وإما لقلة الخبرة مثل الجواتيمالي كارلوس باتريس خلال لقاء أسبانيا وبارجواي.
وإختتم الإنجليزي هوارد ويب مسلسل التحكيم بشكل مثير بعدما ضرب الرقم القياسي في إشهار البطاقات الصفراء بنهائي المونديال برصيد 14 إنذار في مباراة أفلت زمامها منه في العديد من المرات !
وجاء الأوزبكي راشان إيرماتوف كأبرز حكام المونديال بإدراته الموفقة لخمسة مباريات كان أبرزها ربع النهائي بين ألمانيا والأرجنتين ونصف النهائي بين هولندا وأوروجواي ليعادل الرقم القياسي لتحكيم المباريات خلال مونديال واحد !

كانت تلك هي أبرز ظواهر مونديال 2010..إلى اللقاء مع موعد جديد بالبرازيل 2014!