Friday, May 29, 2009

مانويل جوزيه..أسطورة برتغالية عشقتها الجماهير الأهلاوية

مانويل جوزيه..إسم لن تنساه جماهير الكرة المصرية وبالأخص جماهير النادي الأهلي طوال تاريخها..اتفقنا معه كثيرا أو إختلفنا..ستبقي بصمته واضحة في خريطة الكرة المصرية في السنوات الأخيرة بإنجازاته وبطولاته التسعة عشر ومواقفه التي تارة ما تكون مدهشة وتارة أخري مثيرة للجدل،ولذا وجب تسليط الضوء عليه في هذا التقرير بجميع إيجابياته وسلبياته لنعرف حقا من هو مانويل جوزيه؟

كيف حقق الساحر البرتغالي 19 بطولة مع القلعة الحمراء؟
سنة أولي إفريقيا والستة الشهيرة:

بدأت حقبة جوزيه الأولي مع النادي الأهلي في عام 2001،وفيه نجح جوزيه في قيادة الفريق للفوز ببطولة دوري الأبطال الإفريقي للمرة الأولي بنظامه الجديد علي حساب صن داونز الجنوب إفريقي ليضيف الأهلي البطولة الإفريقية الثالثة لأبطال الدوري لرصيده.
وكان اللافت للنظر هو نجاح جوزيه في قيادة فريقا يضم مجموعة من الشباب الواعد مثل حسام غالي وأحمد ابو مسلم وأبو المجد مصطفي وسيد عبد الحفيظ للقب الإفريقي الصعب الذي تمكن الأهلي فيه من قهر ما يسمي وقتها بعقدة الشمال الإفريقي حين ظن الجميع أن مشوار الفريق قد إنتهي في محطة نصف النهائي حين سقط في فخ التعادل السلبي بالقاهرة أمام الترجي التونسي إلا أن الأهلي حقق الصعب بإنتزاع التعادل الإيجابي 1-1 من قلب استاد المنزة.
وأكمل جوزيه نجاحه الإفريقي بالفوز بأول كأس سوبر في تاريخ النادي بعد التغلب علي كايزرتشيفز الجنوب إفريقي 4-1،وبالرغم من خسارة الفريق للقب الدوري والكأس بهذا الموسم إلا أن الفريق الشاب قدم وقتها أفضل العروض لاسيما في الدور الثاني لمسابقة الدوري الذي شهد فوز الأهلي التاريخي علي منافسه التقليدي الزمالك بنتيجة 6-1،وهو ما كان له مفعول السحر في تنامي شعبية جوزيه سريعا بين جماهير الأهلي ،ثم جاء الأهلي طرفا في أفضل المباريات بتاريخ الكرة المصرية عندما تعادل أمام الإسماعيلي 4-4 في مباراة لا تزال عالقة بالأذهان حتي يومنا هذا.

عودة جوزيه..والهيمنة المحلية والإفريقية للأهلي:

ثم جاءت المفاجأة بنهاية الموسم حين قرر مجلس إدارة الأهلي رحيل جوزيه بنهاية موسم 2001-2002 ليعود البرتغالي بعدها بعامان حين تراجعت نتائج الفريق بشدة جعلته في المرتبة السابعة في منتصف موسم 2003-2004 وينجح في قيادة الفريق وقتها إلي المباراة النهائية بكأس مصر أمام المقاولون العرب إلا أن الفريق خسر المباراة بنتيجة 2-1 في مباراة دراماتيكية شهدت إصابة حارس الأهلي أمير عبد الحميد قبل نهاية المباراة بخمس دقائق ليضطر مدافع الفريق شادي محمد للعب كحارس مرمي بعد إستنفاذ الفريق لتغييراته الثلاث.
وأنهي الأهلي موسمه الأول مع جوزيه في المركز الثاني خلف الزمالك المتصدر بفارق 9 نقاط علما بأن الفريق لم يخسر مع جوزيه سوي خمس نقاط منذ توليه المهمة في منتصف الموسم.
وبدأت مسيرة البرتغالي الرائعة مع الفريق في الموسم التالي 2004-2005 الذي حصد فيه الأهلي لقب الدوري بجدارة بعد إكتساح جميع منافسيه لدرجة أن الفريق لم يخسر سوي 4 نقاط طوال المسابقة مما جعله ُيتوج بفارق 31 نقطة كاملة عن إنبي الوصيف في واقعة لم تشهدها الكرة المصرية من قبل ثم حصد الفريق بطولة السوبر المصري للمرة الثانية في تاريخه علي حساب إنبي الذي ُتوج بطلا للكأس.
وكان من الطبيعي بهذا الموسم أن يواصل الأهلي تفوقه الإفريقي بالفوز ببطولة دوري الأبطال للمرة الثانية في عهد جوزيه علي حساب النجم الساحلي التونسي دون أن يتلقي الفريق الهزيمة طوال البطولة ثم أعقبها بإحراز ثاني بطولات السوبر الإفريقية علي حساب الجيش الملكي المغربي بركلات الترجيح،ولم يخفق الفريق سوي في ظهوره الأول بكأس العالم للأندية باليابان حين حل الفريق في المرتبة السادسة والأخيرة بعد خسارته أمام اتحاد جدة السعودي وسيدني الاسترالي.
وجاء موسم 2005-2006 إستمرارا لهيمنة الأهلي المحلية المطلقة بعدما أنهي الدوري دون هزيمة للموسم الثاني علي التوالي وبفارق 14 نقطة كاملة عن وصيفه الزمالك،وإستطاع الأهلي في هذا الموسم الجمع بين بطولتي الدوري والكأس بعد فوزه علي الزمالك في المباراة النهائية بثلاثية نظيفة قبل أن يحافظ علي لقبه كبطل للسوبر المحلي علي حساب إنبي للعام الثاني علي التوالي وللمرة الثالثة في تاريخ الأهلي.
وعلي الصعيد الإفريقي،عادل جوزيه إنجاز نادي أنيمبا النيجيري بنجاحه في الحفاظ علي لقب البطولة بنظامها الجديد بعدما أحرز الفريق ثالث بطولاته الإفريقية بعهد جوزيه عقب فوزه الشهير علي الصفاقسي التونسي بهدف أبو تريكة في قلب تونس بعدما اعتقد الكثيرون بأن اللقب قد ضاع من الأهلي بعد التعادل الإيجابي بلقاء الذهاب بالقاهرة 1-1 ،ونجح جوزيه بعدها في إضافة ثالث بطولات السوبر علي حساب النجم الساحلي التونسي بركلات الترجيح مثلما فعل أمام الجيش الملكي من قبل إلا أن العام 2006 يظل الاشهر في تاريخ جوزيه ليس بسبب بطولاته المحلية أو الإفريقية ولكن لنجاح الأهلي وقتها في الحصول علي الميدالية البرونزية والمركز الثالث ببطولة العالم للأندية باليابان بعد تغلبه علي كلوب أمريكا المكسيكي 2-1 محققا أفضل إنجازات الكرة الإفريقية بالمحفل العالمي حتي يومنا هذا.


إستمرار التفوق المحلي وخسارة اللقب الإفريقي

وفي موسم 2006-2007،يكرر الأهلي إنجاز الثنائية ويجمع بين لقبي الدوري والكأس للعام الثاني علي التوالي وذلك بعد فوزه علي الزمالك في أقوي وأمتع مباريات القمة بنهائي الكأس بنتيجة 4-3ثم يستمر الفريق بطلا للسوبر المصري للعام الثالث علي التوالي بعد تفوقه علي الاسماعيلي بركلات الترجيح إلا أن الفريق خسر لقبه الإفريقي بهذا العام أمام النجم الساحلي التونسي بالقاهرة ليحل في مركز الوصيف في مباراة شهدت جدلا كبيرا حول مستوي حكم اللقاء المغربي عبد الرحيم العرجون ومجاملته للضيوف.

إسترداد العرش الإفريقي..ورحيل الساحر

استمر الأهلي متربعا علي عرش الكرة المصرية بجدارة بعدما حافظ علي لقب الدوري للموسم الرابع علي التوالي في موسم 2007-2008 وأنهي الدوري بفارق 17 نقطة كاملة عن وصيفه الإسماعيلي إلا أن الفريق خسر لقب الكأس وقتها بالخسارة المفاجئة أمام بترول أسيوط ثم كان السوبر المحلي الرابع علي التوالي لجوزيه بالفوز علي الزمالك 2-صفر،ولكن جاءت المحطة الأبرز حين تمكن جوزيه من قيادة الأهلي لإستعادة لقبه الإفريقي المفضل علي حساب القطن الكاميروني(ومن بعده السوبر الإفريقي علي حساب الصفاقسي التونسي) ليضمن ظهور الأهلي للمرة الثالثة في بطولة العالم للأندية محققا إنجازا فريدا من نوعه لم يحققه سوي الأهلي في جميع قارات العالم إلا أن الفريق أخفق في تكرار إنجاز 2006،فلم يحصد سوي المركز السادس والأخير مثل مشاركته الأولي عام 2005.
وفي موسم 2008-2009،حقق الأهلي أصعب بطولاته المحلية تحت قيادة جوزيه حين إضطر للجوء لمباراة فاصلة أمام الإسماعيلي بعد تساويهما في النقاط بنهاية الموسم ليرحل جوزيه بعدها عن القلعة الحمراء محققا 19 بطولة متنوعة للنادي وضعته في مصاف الأفضل في تاريخ النادي العريق.


ولعل اللافت للنظر هو قدرة جوزيه علي قيادة الأهلي للإنتصارات المتتالية تحت جميع الظروف،فالأهلي كان أكثر الأندية تعرضا لخساره لاعبيه وأعمدته الأساسية في السنوات الأخيرة بفعل الإصابات أو الإحتراف الخارجي،وهذا هو ما يحسب لمنظومة الفريق الجماعية التي إستمرت في تحقيق الفوز رغم الغيابات الطويلة للاعبين مثل أبو تريكة وبركات وجيلبرتو وأحمد فتحي وعماد النحاس وأحمد السيد وإحتراف كل من محمد شوقي وعماد متعب والهروب الشهير لحارس مرمي الفريق عصام الحضري إلي سيون السويسري في منتصف موسم 2007-2008 مما يكذب مقولة البعض بتحقيق جوزيه لهذا الكم من البطولات بسبب ضعف مستوي المنافسين وتعثرهم فقط،فكان لجوزيه القدرة بالعبور بالفريق لأي كبوة طارئة لمواصلة المشوار مثلما حدث تحديدا بعد خسارة اللقب الإفريقي المفاجئة عام 2007 بالقاهرة ورهان الكثيريين وقتها علي سقوط الأهلي في جميع المستويات.


ولكن ما هي أبرز عيوب جوزيه في ظل تحقيقه البطولات؟

عندما رحل جوزيه عن تدريب الأهلي عام 2001 رغم تحقيقه للبطولة الإفريقية والسوبر الإفريقي،أدرك الرجل وقتها أهمية البطولة المحلية لدي مجلس إدارة الأهلي وجماهيره،ففضل الإعتماد في حقبته الثانية منذ عام 2004 علي العناصر الجاهزة من اللاعبين القادرين علي خوض غمار البطولات والمنافسة عليها،وهو ما يبدو منطقيا ولكن جاءت نظرية جوزيه علي حساب قطاع الناشئين بالنادي تماما الذي ادرك أبناؤه صعوبة الحصول علي أي فرص في الفريق الأول في ظل سياسة جوزيه،ويكفي أن السنوات الأخيرة لم تشهد سوي دخول اللاعب حسام عاشور لقطاع الناشئين ومن بعده محمد سمير علي إستحياء بعدما ظهر العجز الواضح في عدد مدافعي الأهلي بالموسم الأخير،ولعل الظهور المتأخر للناشيء محمد طلعت مع الأهلي كان خير دليل علي ذلك،فالأهلي تعاقد مع اللاعب في يناير الماضي إلا أنه شارك مع الفريق للمرة الأولي في مباراة الترسانة الأخيرة أي بعد إنضمامه للفريق بخمس أشهر كاملة!!.
كذلك ُيحسب علي جوزيه التسرع في إختيار العديد من الاسماء للإنضمام للفريق في السنوات الأخيرة دون أن يحقق الأهلي الإستفادة الفنية منهم مثل محمد صديق وعبد الحميد حسن ورامي ربيع وطارق سعد ورضا الويشي وأحمد عادل وعمرو سماكة ومحمود سمير،وحتي عندما تعاقد الأهلي في مطلع الموسم المنقضي مع بعض الأسماء اللامعة مثل حسين ياسر المحمدي وأحمد حسن"دروجبا" وحسين علي،لم ينل هؤلاء اللاعبون الفرصة الحقيقية مع الفريق طوال الموسم مما سبب بعض الأزمات للفريق خلال الموسم بسبب تفضيل جوزيه للإعتماد علي مجموعة معينة من اللاعبين في تشكيلته الأساسية.
وعاب جوزيه عصبيته الزائدة في بعض الأحيان في مواقف التي كلفته العديد من العقوبات من قبل اتحاد الكرة المصري علي مدار مواسمه مع الأهلي،وهي التي أدخلته في مشاكل مستمرة مع العديد من رجال الإعلام لدرجة تحولها لحرب كلامية في عامه الأخير بمصر وخصوصا بعد نتائج الأهلي السلبية في كأس العالم للأندية الأخيرة إلا أنه من الإنصاف ألا نحمل جوزيه المسئولية الكاملة في ثورته علي الإعلام المصري،فبكل أسف لا تزال الساحة الإعلامية في مصر مليئة بأصحاب الأقلام الملونة وهواة البحث عن الشهرة بإثارة المشاكل من لاشيء!!


جوزيه الإنسان أفضل من المدرب!!

بالرغم من نجاحات جوزيه الباهرة مع النادي الأهلي علي جميع المستويات إلا أن شخصية مانويل جوزيه نفسها بعيدا عن عالم التدريب تبقي دائما موضع إحترام وتقدير مهما إختلف البعض حول عيوبه،فالتاريخ يشهد للرجل بالعديد من المواقف الإنسانية لعل أبرزها قطع أجازته في البرتغال في أغسطس 2006 للحضور لمصر وتقديم واجب العزاء في لاعب الأهلي الراحل محمد عبد الوهاب الذي وافته المنية في تدريبات الفريق،وظل جوزيه متأثرا بواقعة وفاة اللاعب حتي اللحظة الأخيرة من بقائه في مصر،فلم يستطع تمالك دموعه عند سماع صوت والدة عبد الوهاب في إتصال تليفوني علي قناة الأهلي لتهنئته بالفوز بدوري الابطال الإفريقي عام 2008.
كذلك كان لقيام جوزيه بالتبرع لمستشفي سرطان الأطفال بإحدي الأجهزة الطبية الناقصة وإحضارها من البرتغال علي نفقته الخاصة أبلغ دليل علي تعلقه وحبه الشديد لمصر وشعبها لدرجة أنه صمم في إحدي المرات علي إحضار اللاعب أبو تريكه معه في زيارته للمستشفي ليدخل السعادة علي قلوب الأطفال المرضي المتعلقين بشدة باللاعب بالإضافة لقيامه ببعض المزادات الخيرية علي بعض متعلقاته في بطولة العالم باليابان عام 2006
وُيحسب لجوزيه أنه أراد إبقاء أعماله الخيرية في السر،فلم يخرج يوما ما ليتباهي بأفعاله مثلما يروق للبعض أن يفعل،فالرجل أبدي ضيقه الشديد من تسريب هذه الأخبار لوسائل الإعلام.
أما عن جوزيه الإنسان داخل الملعب،فيكفي حب لاعبي الأهلي وتعلقهم به،فالرجل الذي يبدو في بعض الأحيان الدكتاتور الحاكم بأمره قد يكون الأقرب إلي شخصية المستبد العادل الذي يجمع بين صفتي الحزم واللين في الوقت ذاته،فكان جوزيه بمثابة الأب الروحي للعديد من اللاعبين مثل أبو تريكة وشادي محمد وبركات.
ولكن تبقي النقطة الأبرز في شخصية جوزيه هي علاقته الوطيدة بجماهير الأهلي بصورة لم تحدث مع العديد من المدربيين المصريين الذين تولوا تدريب الأهلي من قبل!!
فإحتل جوزيه مكانة كبيرة في قلوب الجماهير التي ما طالما هتفت بإسمه في المدرجات وإحتفلت معه بمناسباته الشخصية مثلما إحتفلت معه بالبطولات،فبرع الرجل في مخاطبة الجماهير بكافة الطرق التي أشعرت الجميع بأن جوزيه ليس مديرا فنيا أجنبيا للفريق فحسب،بل إبن من أبناء النادي الأهلي ،ولعل نتائج جوزيه الرائعة محليا وإفريقيا وتفوقه الواضح في تاريخ مباريات القمة علي الزمالك جعلت له رصيدا كبيرا عند الجمهور الأهلاوي سيضيف لمهمة المدير الفني القادم من بعده العديد من الصعوبات،فيكفي أن نعرف أن جوزيه قاد الأهلي ل14 إنتصارا من أصل 19مباراة قمة فيما تعادل في ثلاث مباريات و خسر إثنين كان اخرهما عام 2004،فلم يكن جوزيه متواجدا يوم أن فاز الزمالك علي الأهلي في الدور الثاني من موسم 2006-2007 بسبب رغبته في الحصول علي أجازته السنوية في البرتغال بعد إحراز لقب الدوري رسميا قبل المباراة.

بإختصار..سيبقي مانويل جوزيه أسطورة برتغالية عشقتها الجماهير الأهلاوية!

No comments: