Monday, June 29, 2009

:قراءة في الأوراق الفنية لكأس العالم للقارات

انتهت النسخة التاسعة من كأس العالم العالم للقارات- والتي إستضافتها جنوب إفريقيا لتكون بمثابة بروفة مصغرة للمونديال الإفريقي في 2010-بتتويج المنتخب البرازيلي بالكأس للمرة الثالثة في تاريخه بعد تغلبه في المباراة النهائية علي نظيره الأمريكي 3-2.
ويمكن القول أن البطولة جاءت فوق المتوسطة بشكل عام وإن شهدت العديد من الظواهر الفنية التي تستحق الوقوف أمامها والتي سنرصدها في السطور المقبلة:


البرازيل الأفضل هجوما..والعراق الأسوأ:

شهدت البطولة تسجيل 44 هدفا خلال 16 مباراة أي بمعدل 2.75 هدفا بالمباراة الواحدة،وهو معدل مقبول إلي حد كبير وإن إنخفض عن المعدل التهديفي لبطولة القارات الأخيرة بألمانيا 2005(3.6 هدف في المباراة الواحدة).
وجاء المنتخب البرازيلي الأفضل من الناحية الهجومية برصيد 14 هدفا في خمس مباريات وتلاه المنتخب الأسباني ب11 هدفا ثم المنتخب الأمريكي ب8 أهداف فيما جاء منتخبي العراق ونيوزيلندا الأضعف تهديفيا في البطولة بعدما فشلوا في هز شباك منافسيهم.
ولم يأتي التفوق البرازيلي من فراغ،فنجوم السامبا أطلقوا 108 تسديدة علي مرمي منافسيهم طوال البطولة من بينهم 44 كرة مؤثرة بين خشبات المرمي و32 تسديدة من داخل حدود منطقة الجزاء لتصل نسبة الفاعلية الهجومية للبرازيل إلي 40.7% فيما جاء المنتخب العراقي هو الأقل فاعلية ب18 تسديدة فقط علي مرمي المنافسين من بينهم 6 كرات مؤثرة وهو ما يوضح مدي المعاناة الهجومية لأسود الرافدين في الشهور الأخيرة بعدما ودعوا تصفيات المونديال من الأدوار التمهيدية وكذلك الحال في كأس الخليج الأخيرة.
وكان اللافت للنظر هو نجاح المنتخب المصري في التسديد علي مرمي منافسيه 30 مرة من بينهم 14 كرة مؤثرة جاءت 10 منهم من داخل منطقة جزاء الخصم أي بنسبة تقترب من 50%،وهو ما ُيحسب للمشاركة المصرية في البطولة الحالية في ظل قوة مستوي المجموعة التي لعب بها الفراعنة.
وجاء المنتخب الأسباني كأفضل المنتخبات تنويعا في أساليب الهجوم في جميع مبارياته برصيد 98 محاولة(وربما كان لتواضع مستوي مجموعته سببا مباشرا في ذلك) وتلاه المنتخب البرازيلي برصيد 84 محاولة بينما حل المنتخب المصري في المركز السادس برصيد 38 محاولة جاءت أغلبها من الجبهة اليمني برصيد 14 محاولة.


العراق الأقوي دفاعيا..ولكن!!
قد يكون المنتخب العراقي نظريا هو صاحب أفضل الدفاعات بالبطولة بعدما ُمني مرماه بهدف يتيم في مبارياته الثلاث إلا أن أداء المنتخب العراقي جاء عقيما إلي درجة كبيرة جعلته يعجز عن هزشباك منافسه النيوزيلندي(الأضعف في تاريخ بطولة القارات) ولو بهدف واحد لتخرج نيوزيلندا للمرة الأولي بشباك نظيفة فيما جاء المنتخب الأمريكي هو الأكثر إستقبالا للأهداف في مرماه برصيد 9 أهداف إلا أن دفاعه جاء الابرز في البطولة في إفساد 71 هجمة لمنافسيهم بقيادة العملاق أونيو(21 تصدي بمفرده) من بينهم 21 هجمة بشكل إيجابي إستفاد به الأمريكان في التحول لحالة الهجوم بينما كانت نسبة النجاح الأكبر من نصيب المنتخب البرازيلي الذي افسد مدافعوه 23 من أصل 49 هجمة بشكل إيجابي أي بنسبة تقترب من 47% وهو ما يوضح كيفية إستغلال المنتخب البرازيلي لسلاح السرعة والمهارة في شن الهجمات المرتدة التي أحرزوا من خلالها هدفين في شباك الولايات المتحدة وإيطاليا بالدور الأول.
ومن الأمور التي تستحق الوقوف عندها طويلا هي عدم نجاح المنتخب المصري في شن مثل هذه الهجمات السريعة بالكفاءة المطلوبة مما جعله يحتل المركز الأخير بين المنتخبات الثماني المشاركة بنسبة 18.75%،وهو ما يجب أن يتداركه الجهاز الفني سريعا خصوصا مع خوض مباراتين متتاليتين في التصفيات المونديالية خارج ملعبنا أمام رواندا وزامبيا.


كاكا الأبرز..وفابيانو الهداف:

كالعادة،إستحوذ لاعبو السامبا علي نصيب الأسد من جوائز بطولات القارات منذ إنطلاقها،فحصد المهاجم لويس فابيانو جائزة الحذاء الذهبي كأفضل هدافي البطولة برصيد 5 أهداف ليؤكد نظرة مديره الفني الثاقبة دونجا والذي فضله علي حساب المخضرم رونالدو ونجم الإنتر الإيطالي السابق ادريانو(هداف بطولة القارات 2005) وتلاه الثنائي الاسباني توريس وبيا برصيد ثلاثة أهداف لكل منهما.
والملاحظ هو تمكن فابيانو من تسجيل أهدافه الخمسة من 9 تصويبات فقط بين المرمي مقابل 3 أهداف لبيا صاحب ال13 تسديدة علي المرمي بخلاف 13 تسديدة أخري طائشة!!
وجاء اللاعب حسني عبد ربه هو الأفضل بين المنتخب المصري بخمس تصويبات مؤثرة علي مرمي المنافس.
ولم تشهد البطولة بروز النجم الأوحد الذي يقود فريقه للإنتصار تلو الاخر بعدنا باتت الكرة العالمية الان تعتمد بشكل أكبر علي الإنضباط التكتيكي الجماعي في الملعب وقوة الالتحامات والسرعة في الأداء إلا أنه يمكن القول أن النجم البرازيلي كاكا كان مؤثرا بدرجة كبيرة في أداء منتخب بلاده بمجهوده الوافر الذي برز في قيامه ب27 محاولة هجومية بمجهود فردي بالإضافة لتمريراته الحاسمة التي سببت الإزعاج دوما لدفاعات المنافسين علاوة علي تسجيله هدفين مؤثرين في لقاء بلاده الإفتتاحي في البطولة أمام المنتخب المصري ليمنح البرازيل فوزا غاليا بنتيجة 4-3 في النهاية.
وحل هداف البطولة لويس فابيانو في المركزالثاني بعدما ساهمت أهدافه الخمسة في تتويج البرازيل بالللقب ثم تلاه الأمريكي كلينت ديمبسي الذي كاد أن يدخل التاريخ بالمنتخب الأمريكي بتسجيله الهدف الثاني في شباك البرازيل في شوط المباراة الأول قبل إنتفاضة نجوم السامبا في الشوط الثاني وتحويلهم الهزيمة لنصر إلا أن ديمبسي سجل هدفين مؤثرين بشدة في مسيرة العم سام بالبطولة هما الهدف الثالث في شباك المنتخب المصري الذي منح بطاقة الصعود لأمريكا بالإضافة للهدف الثاني في مرمي الماتادور الأسباني بالدور نصف النهائي.
وجاء المصري محمد أبو تريكة كأفضل صانعي الألعاب بالبطولة بعدما ساهم في تسجيل ثلاث أهداف للمنتخب المصري بتمريراته المتقنة ليتساوي بذلك مع البرازيلي مايكون والأسباني كابديبيا.

هاورد الأفضل بين الحراس رغم الأهداف التسعة:

تسعة أهداف هي ما تلقته شباك الأمريكي تيم هاورد طوال البطولة،وبالرغم من ذلك فإن حارس مرمي إيفرتون الإنجليزي تفوق علي نفسه في جميع المباريات سارقا الضوء من حراس المرمي أصحاب الاسماء اللامعة مثل الإيطالي بوفون والأسباني كاسياس والبرازيلي سيزار،فقام هاورد بالتصدي ل33 كرة خلال 4 مباريات خاضها مع المنتخب الأمريكي فيما قدم الحارس المصري عصام الحضري مستوي مميزا ولاسيما في مباراة مصر أمام إيطاليا حيث قام الحضري بالتصدي ل16 كرة في مباريات المنتخب المصري الثلاث،كذلك يمكن القول أن المكسب الوحيد للمنتخب العراقي في البطولة هو حارس مرماه محمد قاصد الذي تصدي ل15 كرة في 3 مباريات.


إعادة إكتشاف بعض النجوم..والمغمورون يتألقون:

جاءت البطولة بمثابة فرصة لبعض اللاعبين للعودة إلي مستواهم المعهود ومصالحة جماهيرهم من أجل عودة الثقة إليهم وهو ما حدث للحارس المصري عصام الحضري الذي إستعاد جزء كبيرا من مستواه المعهود في السنوات الأخيرة بعد فترة إهتزاز واضحة في مستواه منذ رحيله عن النادي الأهلي للإحتراف في سيون السويسري،ولم يختلف الحال كثيرا للجنوب إفريقي ستيفن بينار الذي قدم أفضل مستوياته علي الإطلاق مع الأولاد ليكتسب ثقة جماهير البافانا التي ما طالما إتهمته بالخيانة وتفضيل مصالحه الشخصية علي مصلحة منتخب بلاده.
وجاءت البطولة بمثابة فرصة لبعض اللاعبين في تقديم أوراق إعتمادهم لمنتخب بلادهم،فأثبت البرازيلي فيليبي ميلو أنه قادم بقوة لقيادة وسط البرازيل في الفترة المقبلة بعدما أشعل وسط البرازيل نشاطا بمجهوده الدفاعي الوافر ومساندته للهجوم في الكثير من الأوقات وتمكنه من تسجيل هدفا في شباك المنتخب الأمريكي بالدور الأول علاوة علي كونه الأفضل تمريرا بمنتخب السامبا مما جعل الكثيرون يعقدون المقارنات بينه وبين مديره الفني الحالي دونجا الذي يعد اشهر لاعبي الوسط في البرازيل بعقد التسعينات.
وخطف الأمريكي الشاب مايكل برادلي(21 عاما) الأضواء في المنتخب الأمريكي بعدما لعب دورا محوريا في صعود العم سام إلي المباراة النهائية،فكان برادلي بمثابة الصخرة التي تحطمت عندها هجمات المنافسين،ولذا جاء غيابه عن المباراة النهائية بداعي الإيقاف مكلفا بشدة لمنتخب بلاده.
وأثبت لاعب الوسط المصري محمد حمص جدارته حينما شارك في مباراة إيطاليا أساسيا ليقود الفراعنة فيها لنصر تاريخي علي أبطال العالم ويحصد جائزة الأفضل في المباراة ليغيب بعدها لأسباب غير معلومة عن مباراة مصر الأخيرة أمام أمريكا.


نهاية عصر الفوارق في الكرة العالمية:

جسدت بطولة العالم للقارات نظرية إنتهاء الفوارق الفنية الضخمة بين المنتخبات الكروية العالمية الكبري مثل البرازيل وإيطاليا واسبانيا والمنتخبات صاحبة التاريخ المتواضع مثل أمريكا ومصر وجنوب إفريقيا،فباتت كرة القدم لعبة مفتوحة الإحتمالات تعطي لمن يحترمها ويقاتل لفرض أسلوبه في أرض الملعب،فمكن كان يصدق سقوط أبطال العالم الأزوري الإيطالي بالهزيمة أمام الفراعنة صفر-1،وكذلك الحال بالنسبة للمنتخب الأسباني الذي خسر صفر-2 أمام أمريكا ومدي معاناة المنتخب البرازيلي في الفوز علي مصر وجنوب إفريقيا وأمريكا بفارق هدف يتيم.
وتبقي الإشارة إلي عودة أسلوب اللعب برأسي حربة صريحين بالنسبة لأغلب المنتخبات بعدما ظهرت نظرية الإعتماد علي راس حربة واحد خلال مباريات مونديال 2006 الأخير بألمانيا،فشاهدنا فابيانو وروبينيو في البرازيل وبيا وتوريس بأسبانيا وكذلك الحال للمنتخب الإيطالي بالرغم من تنوع الأسماء في مبارياته الثلاث فيما بدأ المدير الفني الأمريكي بوب برادلي مباريات البطولة بالإعتماد علي ألتيدور وحيدا في الهجوم إلا أنه عدل عن فكره بدءا من مباراته الشهيرة أمام مصر مشركا تشارلي ديفيز بجواره مما أتي بثماره بحصد المركز الثاني بالبطولة في نهاية الأمر،فيما عاني المنتخب المصري من عدم وجود البديل الهجومي الجاهز لمحمد زيدان بعد إصابته وكذلك الحال بالنسبة لمنتخب جنوب إفريقيا الذي عاني في ظل غياب ماكارثي وعدم قدرة باركر علي سد غيابه وإن كان المدير الفني البرازيلي للفريق جويل سانتانا سيبدأ في الفترة القادمة في منح الفرصة للبديل مفيلا صاحب الهدفين الشهيرين في لقاء أسبانيا في مباراة تحديد المركز الثالث.
وُيلاحظ الدور الفعال للضربات الثابتة بالبطولة إذ تم تسجيل 10 من أصل 44 هدفا من خلال هذه الكرات أي بنسبة 22.7% من أهداف البطولة جاء نصيب الأسد منها للمنتخب البرازيلي برصيد 6 أهداف من أصل 14 هدفا لهم بالبطولة(42.8% من أهداف البرازيل بالضربات الثابتة) كان أبرزهم هدف الفوز بالبطولة لقلب الدفاع لوسيو!!


حقائق وأرقام:

-شهدت النسخة الحالية من بطولة القارات المباراة المئوية في تاريخ البطولة منذ إنطلاقها عام 1992 والتي جمعت بين المنتخب الإيطالي ونظيره المصري.
-الفوز المصري علي إيطاليا بهدف نظيف يعد الأول من نوعه للمنتخبات الإفريقية علي حساب الأزوري.
-تعادل نيوزيلندا أمام العراق يعد الأول للمنتخب النيوزيلندي في بطولة العالم للقارات بعد تلقيه 6 هزائم خلال مشاركتيه السابقتين في 1999 و2003.
-للمرة الأولي في تاريخ بطولات القارات يفشل منتخبين في تسجيل أي أهداف طوال البطولة وهما:العراق ونيوزيلندا.
-بات البرازيلي دونجا هو أول الفائزين ببطولة القارات كلاعبا(عام 1997) وكمديرا فنيا (عام 2009).
-شهدت البطولة تحقيق المنتخب الأسباني لرقم قياسي في عدد مرات الفوز المتتالي برصيد 15 مباراة وذلك بعد تغلبه علي جنوب إفريقيا بالدور الأول للبطولة 2-صفر إلا أن المنتخب الأمريكي منع الأسبان من تسجيل رقم قياسي جديد عندما ألحقوا به الهزيمة الأولي منذ نوفمبر 2006 ليتوقف رصيد الأسبان عند 35 مباراة متتالية بلا هزيمة لتكتفي أسبانيا بمعادلة الرقم البرازيلي السابق.
-كررت إيطاليا السيناريو البرازيلي في 2003 حينما خرجت من الدور الأول للبطولة وهو متوجون أبطالا علي العالم.
-بات المنتخب الأمريكي هو الوحيد في تاريخ بطولات القارات الذي يصعد للدور نصف النهائي برصيد 3 نقاط فقط بعد تلقيه هزيمتين متتاليتين في أولي مبارياته أمام إيطاليا ثم البرازيل.

2 comments:

Hypatia said...

انا بس جايه اقولك شكرا
:)

micheal said...

نسرين
يا رينا أنتي تنوري أي بلوج يعجبك
مبسوط أنها حازت إعجابك
تحياتي