Wednesday, June 30, 2010

! بين الفوفوزيلا الإفريقية..والمصرية

الفوفوزيلا..تلك الآلة الموسيقية الجديدة التي فرضت نفسها على جميع شاشات التليفزيون العالمية خلال مونديال 2010 بجنوب إفريقيا حتى صارت النجم الأبرز بالبطولة في ظل تراجع مردود العديد من النجوم اللامعة التي رحل بعضها بخفي حنين.
جاء الظهور الأول الرسمي للفوفوزيلا خلال بطولة العالم للقارات التي إستضافتها جنوب إفريقيا في يونيو 2009 تمهيدا لإستقبالها العرس العالمي في نفس التوقيت بالعام التالي.
وبدأت الإنتقادات مبكرا للفوفوزيلا بعدما حذر العديد من الأطباء من خطورتها على الأذن إذ تصل قوتها إلى 120 ديسيبل في بعض الأحيان،وهو ما دفع العديد من محطات التليفزيون العالمية إلى محاولة عزل صوتها بعد تكرار الشكاوي من المشاهدين،ولكن هل تعد الفوفوزيلا حقا آلة مزعجة للأفارقة؟

تعد الموسيقي جزء هاما من تراث وتقاليد شعوب إفريقيا السمراء،فكما كانت الأبواق والدفوف إعلانا لنشوب الحروب من قبل فكذلك كانت وسيلة التعبير عن الفرحة والدعوة للتجمعات قبل إنتشار وسائل الإتصال الحديثة ثم تطورت لتصبح أداة لبث الحماس في صفوف المنتخبات الرياضية،ولذلك فلا عجب أن نرى الحارس الجنوب إفريقي كوني يطالب جماهير بلاده بالنفخ بقوة في أبواق الفوفوزيلا لمرفع معنويات الفريق خلال مباراتيه أمام الأوروجواي وفرنسا عقب التعادل في اللقاء الإفتتاحي أمام المكسيك.
الطريف أن الفوفوزيلا لم تعد قاصرة على إفريقيا السمراء،فكانت مشاهد الجماهير الأوروبية واللاتينية والاسيوية لافتة للنظر وهم ينفخون في أبواق الفوفوزيلا بالمدرجات مما دعى الشركة المصنعة لها لزيادة إنتاجها تمهيدا لغزو الأسواق العالمية في الموسم الكروي المقبل وذلك بالرغم من إبداء العديد من النجوم لضيقهم من هذه الآلة وفي مقدمتهم البرتغالي رونالدو والأسباني تشابي ألونسو!
اللافت أن سوق الفوفوزيلا قد صنع رواجا في سوق آخر وهو سدادات الأذن التي لم تعد الصيدليات بجنوب إفريقيا قادرة على توفيرها لكل الجماهير نتيجة نفاذ الكمية !

ولكن يبقى هناك سؤالا هاما مطروحا في الوقت الحالي عن إمكانية وصول الفوفوزيلا للمدرجات المصرية في الموسم المقبل،وهو ما لن يحدث لعدة أسباب أهمها:

- شيوع الفوفوزيلا المصرية حيث باتت الجماهير تتبارى في تأليف الأغاني والأناشيد المليئة بالسباب المقذع والتي تركز في المقام الأول على النيل من المنافس والحط من قدره..وبالتالي لا مكان هنا للفوفوزيلا الإفريقية في ظل الثقافة الكروية المصرية الحديثة !

- الدخول لحضور المباريات الجماهيرية في مصر بات أمرا محفوفا بالمخاطر إذ يعاني المشجع الويل من أجل الدخول لبوابة الإستاد في ظل تدافع الجماهير الغفيرة بعشوائية،ولذا فعليه بالحضور قبل بدء المباراة بأربع ساعات على الأقل لضمان مقعده بغض النظر عن حمله تذكرة من عدمه،وهنا يكون المشجع قد فقد جزء كبيرا من آدميته ومن قبلها طاقته ليصبح النفخ في الفوفوزيلا دربا من دروب الخيال !

- المشجع الإفريقي يدخل من أجل الإستمتاع بمباراة كرة قدم مدتها 90 دقيقة أي كانت النتيجة فيما يدخل المشجع المصري مشحونا منذ البداية بالضغوط الإقتصادية والإجتماعية علاوة على جرعات الشحن المركزة التي يتفنن فيها أهل الإعلام الرياضي بمصر،وبالتالي فلا خيار إلا الفوز الذي يمثل المجد للمنتصر والعار للمهزوم..فكيف نتوقع أن ينفخ المشجع في أبواق الفوفوزيلا في حال الهزيمة؟

- يقتصر دور الشرطة الإفريقية على تأمين عملية الدخول والحفاظ على النظام داخل الإستاد فيما تفضل الشرطة المصرية في بعض الأحيان القيام بضربة وقائية بالهراوات للمشجعين بعد إنتهاء المباراة خشية من حدوث أعمال شغب في حالة هزيمة نادي جماهيري كما حدث في بعض مباريات كأس مصر مؤخرا،وبالتالي يصبح من العبث النفخ بالفوفوزيلا في ظل هذه الأجواء البوليسية !

- يملك المشجع الإفريقي ثقافة إحترام قرارات التحكيم أي كانت أخطائه فيما يشعر نظيره المصري مسبقا بوجود حالة من التربص من قبل التحكيم بناديه في ظل أجواء عقدة الإضطهاد ونظرية المؤامرة التي يغذيها إعلام رياضي غير مسئول،وبالتالي يتكرر المشهد المألوف بهرع قوات الشرطة لحماية الحكم بعد نهاية المباراة خوفا من بطش الجمهور وأحيانا من بطش المديريين الفنيين،وبالتالي لن نرى مشهد خروج الحكام بسلام على أبواق الفوفوزيلا كما حدث مع الأوروجوياني لاريوندا والإيطالي روزيتي رغم أخطائهم الفادحة !

وأخيرا يمكن القول أن كل جمهور له "فوفوزيلته" الخاصة التي تميزه عن غيره
!

No comments: